روائع مختارة | قطوف إيمانية | في رحاب القرآن الكريم | ـ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ـ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > في رحاب القرآن الكريم > ـ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ـ


  ـ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ـ
     عدد مرات المشاهدة: 1818        عدد مرات الإرسال: 0

قال تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ*إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ*الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْمَلُونَ} [الحجر:94-96].

أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يمضي في أمر دعوته واثقا معلنا مطمئنا، ولا يلتفت لسخرية المستهزئين، وأذى المشركين، فهم قد آذوا أنبياء الله عز وجل من قبل، فليس بمستغرب عليهم إيذاؤك، وقد توعدهم الله عز وجل بعاقبة الإستهزاء.

يقول الطبري: وَقَوْله: {الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} وَعِيد مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره وَتَهْدِيد لِلْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدْ كَفَاهُ أَمْرهمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْره: إِنَّا كَفَيْنَاك يَا مُحَمَّد السَّاخِرِينَ مِنْك، الْجَاعِلِينَ مَعَ اللَّه شَرِيكًا فِي عِبَادَته، فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ مَا يَلْقَوْنَ مِنْ عَذَاب اللَّه عِنْد مَصِيرهمْ إِلَيْهِ فِي الْقِيَامَة، وَمَا يَحُلّ بِهِمْ مِنْ الْبَلَاء، تفسير الطبري: سورة الحجر.

ويقول السعدي: أمر الله رسوله أن لا يبالي بهم ولا بغيرهم، وأن يصدع بما أمر الله، ويعلن بذلك لكل أحد، ولا يعوقنه عن أمره عائق، ولا تصده أقوال المتهوكين، {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} أي: لا تبال بهم واترك مشاتمتهم ومسابتهم مقبلا على شأنك، {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} بك وبما جئت به، وهذا وعد من الله لرسوله، أن لا يضره المستهزئون، وأن يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة. وقد فعل تعالى، فإنه ما تظاهر أحد بالإستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة.

ثم ذكر وصفهم وأنهم كما يؤذونك يا رسول الله، فإنهم أيضا يؤذون الله ويجعلون معه إِلهًا آخَرَ وهو ربهم وخالقهم ومدبرهم، {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} غب أفعالهم إذا وردوا القيامة، تفسير السعدي 430.

ويقول الشعراوي: أن هؤلاء المشركين الذين يَهْزءون بك لهم عذابهم، ذلك أنهم أشركوا بالله سبحانه، وحين يقول الحق سبحانه: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}، ففي هذا القول إستيعاب لكل الأزمنة، أي: سيعلمون الآن ومن بعد الآن، فكلمة -سوف- تتسع لكل المراحل، فالحق سبحانه لم يأخذهم جميعاً في مرحلة واحدة، بل أخذهم على فترات.

فحين يأخذ المُتطرِّف في الإيذاء، قد يرتدع مَنْ يُؤذِي، ويتراجع عن الإستمرار في الإيذاء، وقد يتحوّل بعضهم إلى الإيمان، فمَنْ كانت شِدّته على رسول الله صلى الله عليه وسلم تصبح تلك الشدة في جانب الرسول صلى الله عليه وسلم، وها هو المثَلُ واضح في عكرمة بن أبي جهل، يُصَاب في موقعة اليرموك، فيضع رأسه على فَخذِ خالد بن الوليد ويسأله: يا خالد، أهذه ميتة تُرضِي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيرد خالد: نعم، فيُسلِم الروح مُطْمئناً.

وهؤلاء المستهزئون، قد أشركوا بالله، فلم تنفعهم الآلهة التي أشركوها مع الله شيئاً، وحين يتأكد لهم ذلك، فَهُمْ يتأكدون من صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أبلغ عن الحق سبحانه.

نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، وصلى الله على نبينا محمد.

المصدر: موقع دعوة الأنبياء.